ما وراء الحقيقة ــ الجزء الأول

ما وراء الحقيقة

3/24/20241 min read

في تاريخ 19/08/2012 وقعت حادثة بمنزل أحد كبار رجال الأعمال بالبلاد ، قاسم، الملقب بالإمبراطور، كان يقيم حفلا صغيرا بمنزله الفخم، كان عدد المدعوين لا يتجاوز 6 أشخاص، كان إثنان من رجال الأعمال، و سيدة أعمال، كانت ترافقها شابة تشتغل عندها بالشركة، وكان هناك أجنبيين صديقي قاسم ، حضروا جميعا وجبة العشاء، وبعد الإنتهاء من المأدبة، إستمتعوا بالموسيقى، رقصوا قليلا، ثم غادر كل منهم لوجهته ،و في الصباح الباكر، حضرت الشرطة لمنزل قاسم، والذي إتصل بالشرطة فور إستيقاظه، عندما إكتشف إختفاء عقد من اللؤلؤ النفيس، و الذي إشتراه من مزاد بأمريكا،كان ثمنه يساوي حوالي أربعة ملايين دولار أمريكي، عند وصول الشرطة، بدأوا في أخذ المعلومات من قاسم، عن الأشخاص الذين زاروه البارحة، عن الخدم الذين يشتغلون عنده، ثم أخذوا البصمات من على الأبواب و النوافذ و أي منفذ قد يدخل أو يخرج منه أي شخص، أخذوا أيضا البصمات من الغرفة التي كان بها العقد، بعدها، غادروا المنزل لإكمال التحقيق و إجراء أبحاثهم لإكتشاف السارق، من ضمن المحققين الذين كلفوا بهذه القضية، كان محقق إسمه أمين، وهو شاب في أوائل العشرينات ، كان ذكيا جدا، درس القانون، وحصل على شهادة الإجازة، بعدها، تقدم لإختبار مفتشي الشرطة، نجح بإقتدار، وبعد تخرجه وإشتغاله كمفتش شرطة ،كان جد متحمس لإشتغاله بهذه القضية، و خاصة و أنه لم يسبق له و أن حقق في سرقة شيء بهذه القيمة.

إتصلوا بجميع من حضر حفلة أمس، و كذلك بكل الخدم الذين يشتغلون بمنزل قاسم، تم التحقيق معهم جميعا، و وجهة تهمت السرقة لهم جميعا، لكنهم أنكروا قيامهم بذلك، فلم يبقى إلا أن ينتظروا تقرير البصمات التي أخذت من المنزل، و مقارنتها ببصمات المتهمين، وجدوا عدد كبير من البصمات في مختلف الأماكن بالمنزل، بصمات للخدم، بصمات للضيوف، فكان من الصعب تحديد السارق بناءََ على أخذ البصمات فقط، فقرروا أن يفكروا في شيء آخر، حينها، تدخل أمين، وطلب أن يرى البصمات التي أخذت من الغرفة التي كان بها العقد، كانت هناك بصمات قاسم، و بصمات الخدم، لكن العقد كان موضوعا بصندوق من الزجاج، وكان الصندوق الزجاجي ملتصقا بالحائط،كان على شكل خزنة، لا يفتح إلا برقم سري، فتحقق من البصمات الموجودة على الصندوق، كانت بصمات قاسم فقط، فنظر إلى البصمات التي كانت على الحائط قرب الصندوق، كانت أيضا لقاسم وبعض الخدم، فأكدوا على مراقبة الخدم و إستدعائهم مرة أخرى للتحقيق، و إتجه الكل بأنه ربما أحد الخدم هو من سرق العقد، لكن القانون لا يبنى على الظن، عليهم إيجاد السارق مع الأدلة التي تدينه، وبعد مرور ساعات وساعات من الإشتغال، ذهب بعضهم ليأخذ قسطا من الراحة، وكان أمين من بين من ذهب ليرتاح قليلا، أخذ كأس من القهوة، شرب منه قليلا، ثم أغمض عينيه وهو جالس على الكرسي، وبعض لحظات، فتح عينه، وقام يجري، سأل عن شريط الفيديو الذي أحضروه، كان بمنزل قاسم، عدد من كاميرات المراقبة، لكنها لم تكن بالمنزل كله، ولا توجد كاميرات على الغرفة التي كان بها العقد، فسألوه فيماذا تحتاجها؟ فليس هناك كاميرات على الغرفة التي وقعت بها السرقة، أجابهم : أعلم، لكني أود مشاهدة الشريط مرة أخرى، فبدأ يشاهد شريط التسجيل في وقت قيام الحفلة، لاحظ أن عدد من الضيوف إتجهوا لمكان قريب من الغرفة، وبعد لحظات، عادوا، لكن، هذا لا يدين أين منهم، فمعضمهم ذهبوا للمرحاض، و الذي كان بذلك الإتجاه، أعاد المشاهدة مرارا و تكرارا، بعدها قال في قرارة نفسه ، ربما وجدت طرف الخيط، وبينما كان الجميع منشغلون بالتحقيق مع الخدم، و تشديد المراقبة عليهم، وعلى كل من له صلة بهم، عائلاتهم، أصدقائهم... كان أمين يفكر في إتجاه مغاير تماما، خرج، ثم ذهب لزيارة سيدة الأعمال في شركتها، طرح عليها بعض الأسئلة الروتينية، ثم طلب منها أن يرى الفتاة التي رافقتها في الحفلة، فأخبرته أنها خرجت باكرا اليوم، بسبب وعكة صحية، طلب منها عنوان الفتاة، ثم غادر، خرج متوجها لزيارة الفتاة، كانت تقيم بحي شعبي، كان منزلا قديما و به شقوق على الحائط، كان الباب من خشب، وعليه قطعة حديد، أخذ قطعة الحديد، وطرق بها الباب، فتحت له إمرأة في الخمسينيات من عمرها،ثم قالت : مرحبا يا ولدي، كيف أخدمك، أجابها ، هل هنا تسكن مريم؟ قالت : نعم، من أنت يا ولدي؟ وفيماذا تحتاج مريم؟ قال لها : إني زميل لها بالشغل، وقد حظرت لأطمئن عليها بعدما علمت بأنها مريضة، و أود أن أسألها أيضاً عن بعض الأشياء في الشغل، سأقوم بها نيابة عنها حتى تسترد عافيتها، أجابته أم مريم : مرحبا بك يا بني، وشكرا لقدومك، تفضل، أدخل، دخل أمين، وجد غرفتان و أمامهما مساحة صغيرة مفروشة بفراش قديم مهترئ، وطاولة خشبية قديمة للأكل، و قماش قديم مفروش على الأرض، ثم إلتفت فرأى مطبخا صغيرا، توجهت إليه السيدة لتحضير الشاي، لكن أمين شكرها، وأخبرها بأنه سيغادر مباشرة بعد رأية مريم، قالت له إنها نائمة الآن، لقد عادت من العمل وهي ترتجف و حرارة جسمها جد مرتفعة، قال لها أمين : هل ذهبت لزيارة الطبيب؟ فأجابته الأم بكل حزن و الدموع تغمر عينيها، من أين ستحصل يا ولدي على مصاريف الطبيب؟ فكما ترى، حالتنا المادية مزرية، و أنا أعاني من مرض برجلي، ولا أستطيع العمل بسبب ذلك، أما مريم، فهذا أول شهر لها في العمل كما تعلم، ولم يصل وقت حصولها على أجرها، لدى، فقد أعطيتها بعض الأعشاب التي طلبتها من الجيران، سيخفف عنها ذلك قليلا، ولنا رب كريم يرعانا، فهو الشافي المعافي، قال أمين : ونعم بالله، حسنا، أتركيها تنام الآن، فلتسترح، وسأذهب لأشتري لها بعض الأدوية لتخيف حرارة جسمها، قالت الأم : لا عليك يا ولدي ستتحسن بإذن الله بعدما شربت دواء الأعشاب، فأخبرها أمين أن لا تحرج منه، وأن تعامله وكأنه إبن لها، إبتسمت أم مريم والدموع تغمر عيناها، فرفعت أكفها تدعوا، اللهم إحفظه ويسر خطاه، و أرزقه من حيث لا يحتسب، خرج أمين، وبعض لحظات، عاد ومعه بعض الأدوية وبعض الطعام، قالت أم مريم : الدواء لأنها مريضة، لكن، لماذا أحضرت الطعام؟ أجابها : من أجل نفس السبب، لأنها مريضة وتحتاج لطعام مقوي، ثم تابع كلامه، أعلم أنه لديكم طعام، لكنها تحتاج لطعام خاص، يعوض لها الطاقة التي فقدت، ثم قبل رأسها، و أعطاها ورقة بها رقم هاتفه، و أخبرها إن تناولت مريم دوائها، و تحسنت صحتها، فلتطلب من مريم الإتصال به، وإن لم تتحسن صحتها وتنخفض حرارتها، فل تتصل هي به ليأتي ويأخذها للمستشفى، و حتى لا يجرح كبريائها، قال لها : لا تقلقي بشأن المال، لو رأيت أنها لم تتحسن، إتصلي بي لكي أخذها للمستشفى، و سأهتم بكل شيء، وعندما تأخذ مريم أجرتها الشهرية، فستعيد له المبلغ الذي صرف، لأنها الآن، تشتغل براتب جيد جداََ. تبسمت أم مريم وشكرته، ثم غادر. فما السبب ياترى لزيارته لمريم؟ هل هي طرف الخيط الذي وصل إليه؟ سنعرف ذلك بالجزء القادم إن شاء الله.