ما وراء الحقيقة ــ الجزء الرابع
ما وراء الحقيقة
3/25/20241 min read


بدأت مريم تبكي وتقول، حسبي الله ونعم الوكيل، ليس لي سواك، فأنت علام الغيوب، ثم أغمي عليها،أخذوها إلى المستشفى، وقرر بأنهم سيقدمونها للمحكمة من أجل البث في القضية، ذهب رجلان من الشرطة مع مريم للمستشفى، من أجل المراقبة، و إحضارها بعدما تتحسن حالتها، أما أمين، فقد كان حزينا لما قد يصيب والدتها المسكينة إن علمت بالأمر، ذهب لمنزله ليأخذ قسطا من الراحة، ثم نام، ولم يستيقظ، إلا وهاتفه يرن، حمل هاتفه، نظر إليه، فوجد رقم أحد ضباط الشرطة، أجاب على الهاتف : نعم سيدي الضابط، فأخبره الضابط بأن عليه الحضور فورا، أجابه أمين : حسنا، سألتحق بكم في الحال، رد عليه الضابط :هل تعلم أين ستأتي؟ أجابه أمين : إلى مخفر الشرطة بالطبع، لكن الضابط فاجئه قائلا : لا، بل ستأتي للمستشفى التي ذهبت إليها مريم، رد أمين، ماذا؟ المستشفى؟ لماذا؟ أجابه الضابط، تعالى لهنا وستعرف كل التفاصيل، رد أمين، حسنا، ثم خرج مسرعا نحو المستشفى، وفي طريقه، ضل يفكر، هل هربت مريم؟ كيف ذلك والشرطيان هناك؟ هل ساعدها المجرم الحقيقي الذي دبر لكل شيء؟ و أسئلة عدة تبادرت لذهنه، لكن عند وصوله للمستشفى، وبعد لقائه بزملائه، كانت المفاجئة الكبرى، لقد إنتحرت مريم وهي بالمستشفى، حيث أنها أخذت سكين طعام، وقطعت به شريان يدها اليمنى، ونظير خروج الدم بكمية كبيرة وبكيفية متواصلة، تعرضت للموت، صرخ أمين وقال : كيف حدث هذا؟ و نظر للشرطيين، وأين كنتم أنتم عندما قامت بذلك؟ أليس من المفروض مراقبتها؟ ألم يكن عليكم إلقاء نظرة عليها من فينة لأخرى؟ لو قمتم بواجبكم لكتشفتم الأمر قبل فوات الأوان، ولربما ثم إنقادها، نظر إليه الضابط الذي إتصل به وقال له : كل مقصر سيأخذ جزائه، وسيتم توقيفهم عن العمل الآن، و التحقيق معهم في ملابسات القضية، دخل بعض رجال الشرطة و أخذوا صورا لمريم ثم أخذوا البصمات الموجودة هناك، بعدها تم إصدار الأمر بنقلها للمشرحة، وبعث أحد رجال الشرطة لإخبار والدتها بالأمر، وطلب الإذن بالسماح لهم بقيامهم بتشريح الجثة حتى يصلوا لمعلومات اكثر عن سبب وفاتها، قرر أنذاك أمين الذهاب لوالدة مريم و إخبارها بما وقع، أخبره الضابط بأنه يمكن أن يبعث أي شرطي، وليس من الضروري أن يذهب بنفسه، لكن أمين أصر على الذهاب، وفعلا، ذهب والحزن يغمر عينيه، وصل أمام الباب، وبقي لدقائق واقفا أمام الباب، لم يستطع طرق الباب، لكن في النهاية، قام بذلك، فتحت له أم مريم، ولما رأته، فرحت وإبتسمت في وجهه وقالت : أدخل يا بني، تفضل، وهي سعيدة لرأيته، دخل أمين، جلس، ذهبت أم مريم لتحضير الشاي، لكنه أخبرها بأنه لا يريد أي شيء، يريد أن يتحدث معها فقط، ثم سيغادر، قالت : كما تريد يا بني، ثم تابعت كلامها، هل جئت لزيارة مريم؟ ألم تلتقي بها في الشغل؟ أجابها: بلى، إلتقيت بها، ثم صمت، فقالت أم مريم : حسنا، إذن هل هناك سبب لزيارتك الآن؟ بالطبع هذا بيتك، ويمكنك زيارتنا وقتما تشاء ، لكني تسائلت فقط، إن كان هناك سبب آخر بما أنك سبق وإلتقيت بمريم، أجابها : ألا يحق لي أن أزور أمي بين الفينة و الأخرى، ألم أقل لك أني مثل إبنك؟ ام لا تريدين أن تكوني بمثابة أمي؟ أجابته : هذا شرف لي يا ولدي أن أكون في مقام والدتك، ثم تابعت كلامها، لا بد لأمك أن تفخر بأن لديها إبنا مثلك، فأجابها : إذن، هل أنت فخروة بي؟ أجابته بالطبع، لكني أتحدث عن والدتك، أمك التي أنجبتك وربتك، فأخبرها ، بأنها توفيت منذ كان صغيرا، حينها، تزوج أبوه إمرأةََ أخرى، وقد عانى كثيرا في صغره من سوء معاملة زوجة أبيه له ، لدرجة أنه في يوم من الأيام، حاول الإنتحار، وقد صعد إلى سطح إحدى العمارات، وقرر، رمي نفسه من هناك، لكن، بقدرة قادر، ظهر رجل و أمسك بيده في لحظة سقوطه، فأنقذه، وبعدما سمع قصته وسبب إقدامه على ذلك، أخبره بأن قتل نفسه، لن يكون حلا، لأنه عانى في حياته، وسيعاني بعد مماته، لأن الإنتحار حرام، وسيعذب بعد الممات، وأخبره إن كان يريد الخلاص، فعليه بأن يمضي وقته كله خارج البيت، يذهب للدراسة، وعندما ينتهي منها، يذهب ليعمل، ولا يذهب للمنزل، إلا بعد مجيء أبيه، يأكل ثم ينام، وفي الصباح الباكر يخرج من المنزل، وهكذا سيدرس ويتعلم من المدرسة، ويشتغل، ويتعلم من الحياة، وفي وقت ما، سيجد نفسه تعلم كل ما يحتاجه ليعيش سعيدا، بعيدا عن كل ما عاناه في صغره، وهذا ما كان يقوم به حتى تخرج من الجامعة، و إشتغل، وإستقل بحايته ، قالت أم مريم : وماذا عن أبوك؟ هل تزوره بين الفينة والأخرى؟ أجبها : كنت أقوم بذلك، لكنه توفي منذ سنتين، فضمته إليها بشدة وقالت : لا عليك يا بني، منذ اليوم سأكون كأم لك، نظرت إليه، فوجدته عينيه تملأهما الدموع، قالت : ما بك يا بني؟ أجبها و الحزن يملأ عينيه، هل حقا تعتبرينني كأبن لك؟ أجابته : نعم و الله على ما أقول شهيد، حينها قال : إنك كثيرا ما تذكرين الله، إذن، فمن المأكد أنك مؤمنة به وبما قسمه لنا، أجابته بالطبع يا ولدي، حينها قال أمين : هل تعرفين يا أمي ما هو الإيمان؟ أجابته أن تومن بأن الله هو الخالق، هو الرزاق، هو المحي و المميت، وله كل شيء، فقال أمين هذا صحيح، و أن تأمنين بالقدر خيره وشره، قالت أم مريم : هذا صحيح يا ولدي، حينها، قال أمين : إذن، فأنت تعلمين أن كل ما يحدث فهو بإذن الله، و أمر الله، أن تتوفى إبنتك اليوم، ويكون مقامها الجنة بإذن الله، تسمرت أم مريم في مكانها من الصدمة ، لم تستوعب ما قاله لها أمين، وبعد ثوان أغمي عليها، وعندما فتحت عينيها، وجدت نفسها في المستشفى و أمين بجوارها، نظرت إليه ثم بدأت تبكي وتقول : إبنتي، مريم، مريم، لماذا؟ مازات شابة صغيرة في مقتبل العمر، يا ليتني كنت مكانها، حينها، عانقها أمين ، وقال لها بصوت خافت والدموع تغمر عينيه، لا تحزني، ولا تقلقي، فهي في مكان خير من هذا، فهي عند الله، وستكون في الفردوس الأعلى إن شاء الله، إدعي لها بالرحمة والثواب والمغرفة، وأن يدخلها فسيح جناته، فكلنا ستذهب عنده، ثم بدأ يبكي بين دراعيها، وبعدها، أخبرها بأنها مؤمنة، وبأن لله ما أخذ، ثم تابع كلامه، لقد ذهبت إبنة، لكن، مازال لديها إبن، وسيكون بارا بها، وضعت يدها على رأسه وقالت : الله سيرعاك وسيحفظك ويسدد خطاك يا بني، ستكون قوتي حتى أتغلب على حزني، بقي معها أمين بضع دقائق ثم أخبرها أن عليه المغادرة الآن، وسيعود بعدما تستعيد عافيتها ليأخذها للمنزل، فماذا سيحدث بعد ذلك؟ الإجابة في الجزء القادم إن شاء الله.