نصف ساحرـــ الجزء العاشر

نصف ساحر

3/24/20241 min read

قالت حنان : لننم الآن ونسترح و نفكرا غدا في الأمر، عند إستيقاظهم في الصباح الباكر، بدأوا في في قرائة ما كتب، ثم درسوه جيدا، وحللوه، وضعوا خطة الرحيل، كيفية بناء القارب الذي سيحملهم، هنا توجد مواد كثيرة لإستعمالها لبناء قارب جيد، وليس فقط مجرد لوح خشبي، كل شيء مفصل في الكتاب، من أين يحصلون على الخشب، طريقة تقطيعه، الآلة الحادة التي سيقطع بها، مكان وجودها، كل شيء بالتفصيل الممل، الوقت الذي سيستغرقونه للوصول للمدينة، الإتجاه الذي سيسلكونه، النجوم التي سيتبعونها من أجل تحديد الإتجاه، مكان الساعات الرملية التي كان يستعملها، خططوا لكل شيء كما هو مكتوب، و أخبرهم خالد، بأن الوقت الذي سيستغرقونه سيكون أقل من الذي كتب، حيث ان الشخص الذي كتب تفاصيل رحلته كان وحيدا، وبالتالي سيجدف وحده طوال الرحلة، بينما هم 4 أشخاص، فإن جدفوا معا، فسيصلون في وقت أقل، و أخبرهم رشيد، أنه إذا إختاروا اليوم الذي تهب به الرياح في نفس الإتجاه، فسيساعدهم ذلك أيضاً على إختصار الوقت، وقد لا يحتاجون أصلا للتجديف، بعد الإنتهاء من مناقشة الخطة، حددوا دور كل منهم، ثم إنتشروا في الجزيرة ليقم كل بعمله،ذهب كل منهم و السرور يملئ قلبه بإقتراب وصولهم لبر الأمان، وعودتهم لحياتهم الطبيعية، ذهبت فاطمة و حنان في إتجاه، و ذهب رشيد في إتجاه آخر، بينما خالد ذهب في إتجاه مغاير للجميع، كل منهم ذهب في مهمة،إلتقوا جميعا بعدما أنجزوا جميعا مهماتهم، وبدأوا في صناعة القارب كما هو مخطط و مشروح في الكتاب، وبعد يومين، تمت صناعة القارب، الذي إستغرق صنعه 10 أيام من صاحب الكتاب، فرحوا وقالت حنان : و أخيرا، الليلة سننطلق إن شاء الله نحو المدينة، و هي مبتسمة، لكن رشيد أجبها : لا، لن نغادر الجزيرة، قالت فاطمة : ولم لا نغادر؟ أجبها : لن نغادر الليلة، يجب أن ننتظر حتى تكون السماء صافية، و يكون هناك ريح يساعد القارب على التحرك بسرعة، حينها قال خالد : هذا صحيح، هكذا سنظمن وصولنا في أقل وقت و بأقل مجهود، إتفقوا على ذلك، وبقيوا منتظرين 6أيام، وفي الليلة السابعة، تحققت الشروط، وبدأوا رحلتهم نحو مدينة الأضواء، إتبعوا كل ما كتب في الكتاب، ووجدوا ما وصفه بالضبط، وبعد مدة، بدأوا يرون الأضواء،فرحوا بها، وتوجهوا نحوها، حتى وصلوا إليها، ورأوا الناس و المنازل، بدأت حنان تبكي من شدة الفرح، أما خالد، فقد تنهد وقال : و آخيرا إنتهينا من هذا الكابوس، نزلوا عن القارب، و إتجهوا نحو الطريق الذي كان مليئا بالسيارات، وعند وصولهم لحافة الطريق، عانق كل منهم الآخر، و تبادلوا أرقام هواتفهم، ثم ذهب كل في حال سبيله، لكن، بعد برهة، إكتشفت فاطمة أن هذه المدينة، و أرقام السيارات التي بها، مخالفة لما في بلدهم، وحصل نفس الشيء مع الآخرين أيضا، حاول كل منهم الإتصال بالآخر، لكن الإتصال كان غير مسموح به، لأن شبكة الإتصالات هي الأخرى مغايرة لما في بلدهم، فرجعوا جميعا للنقطة التي إفترقوا منها، إلتقوا من جديد، وبدأوا يفكرون، ماذا سيفعلون الآن؟ قالت حنان : لنذهب للشرطة و نحكي لهم ما حدث، ونطلب منهم أن يعيدون إلى بلدنا، أجابها خالد : لا يمكننا ذلك، هل تعتقدين حقا أنهم سيصدقوننا، لو حكيت ما وقع معنا لي أبي و أمي فلن يصدقونني، فكيف لغريب أن يصدقني ؟ قالت فاطمة : و ما العمل الآن، ليس معنا مال، ليس لدينا مكان نبيت فيه، ولا طعام نأكله، ماذا سنفعل، حينها قال رشيد : و الأهم من كل هذا، ليس لنا أوراق تسمح لنا بالتنقل هنا، لو أمسك بنا، فسيدخلوننا السجن، قال خالد : هذا هو الحل، نذهب عند الشرطة ونتشاجر أمامهم، سيأخذوننا ليحققوا معنا، سيكتشفون أنه ليس لنا أوراق هوية تسمح لنا بالعيش هنا، فيدخلوننا السجن، وهكذا، سنجد مكان نبيت فيه وطعاما نأكله، قالت فاطمة : أجننت أم ماذا؟ هل تظن أنك ستدخل للسجن متى تشاء وتخرج متى تريد؟ و هل تعلم مع من ستكون بالسجن؟ وماذا قد يحدث لك هناك؟ أجابها خالد : السجن هنا، ليس كالسجن ببلادنا، ردت عليه حنان : وهل سبق لك و أن سجنت هنا حتى تعرف هل يشبهه أم لا؟ أجابها خالد : هذه دولة أوربية، بها حقوق الإنسان، و السجن هنا مختلف جدا، لقد شاهدت ذلك في الأفلام، رد رشيد : الأفلام لا تعكس دائما الواقع، لكن، ليس لدينا سوى حلان، الأول هو الذي إقترحه خالد، لكننا سنغير به قليلا، فعند الإمساك بنا، نخبرهم بأننا أختطفنا من قبل عصابة تريدنا أن نشتغل معهم بالمخدرات، و أثناء تهريبهم لنا و إدخالنا لبلدهم، هربنا منهم، و أننا نريد العودة لبلادنا، و نطلب منهم حمايتنا من هذه العصابة، قالت فاطمة : يبدوا أنك تشاهد الأفلام الأمريكية كثيرا، أفضل الإقتراح الثاني، رغم أني لا أعرف ماهو، أجبها رشيد : الحل الثاني، هو أن نذهب ونشتغل بإحدى المطاعم أو الفنادق ، سنعلمهم بأننا مهاجرين غير شرعيين، ونحتاج لمكان نبيت فيه و طعام، فنشتغل عندهم مقابل المسكن و الطعام، إلى أن نجد طريقة نعود بها لوطننا، قال الجميع، نعم هذا أفضل حل، ثم إتجهوا يبحثون عن المطاعم والفنادق ليشتغلوا عندهم كما إتفقوا، وهنا ستبدأ رحلة معاناتهم في الغربة، فكيف سيعيشونها ؟

إتجهوا يبحثون عن المطاعم والفنادق ليشتغلوا عندهم كما إتفقوا،بعدما كانوا معززين مكرمين في بيوتهم ، أصبحوا الآن مهددين بالجوع والمبيت في الشوارع، فجأة، رأت حنان ما لا يصدق، ثم صرخت، وقالت : لا يعقل، هل ما أراه حقيقة أم خيال؟ هل أحلم؟ سألها خالد : ماذا هناك يا حنان؟ فأشارت لهم بيدها في إتجاه معين، إلتفتوا جميعا، ثم صرخوا أيضا، لا، لا يمكن، مع إبتسامة عريضة من رشيد، و دموع منهمرة من فاطمة، و عينان مصدومتان من خالد، فماذا رأوا يا ترى؟ لماذا صدموا هكذا؟ المفاجئة، هي رؤيتهم لمراد وحسناء، قادمين نحوهم، ذهبوا يركظون إتجهاههم، ولما وصلوا إليهم، بدأ البكاء و العناق، قال مراد : لا تقلقوا انا هنا، لقد وعدتكم أن أعيدكم سالمين إلى دياركم، هيا تعالوا معي، فذهب بهم نحو البحر، قالت فاطمة : إلى أين سنذهب؟ ليس أمامنا إلا البحر، إبتسم مراد ثم قال : نعم سنسحب قليلا و نستمتع بمياه البحر، رد خالد : هل تمزح معنا يا مراد ؟ إبتسم مراد مرة أخرى ثم رد عليه، لا، لا أمزح، سنسبح قليلا في البحر، ثم قفز مراد في البحر وبدأ يسبح، ثم تبعته حسناء ، إستغربوا جميعا، لكنهم فعلوا نفس الشيء أيضاً، وبعد أمتار قليلة من السباحة، ظهر لهم كثقب في الماء، دخل إليه كل من مراد وحسناء، فإذا بهم إختفوا، أنذاك، عرفوا لماذا طلب منهم مراد السباحة، توجهوا بدورهم نحو الثقب ودخلوا إليه، و بعد برهة، وجدوا أنفسهم على شاطئ البحر، وهناك، رأوا مراد وحسناء و معهما إمرأة ورجل، أخذهم مراد إلى منزل خشبي وهناك جلسوا جميعا، قال رشيد : في الحقيقة، نحن لم نفهم بعد ماذا حدث، علمنا في الأول، أنك قتلت من طرف الملك، ثم ألقى بك في البحر، أما حسناء فهي الأخرى ماتت بعدما إفترسها سمك القرش في البحر أيضاً، أي أن كلاكما قتل ومات في البحر، وفجأة نرى كلاكما أحياءََ أمامنا، قال لهم مراد : قبل أن أشرح لكم ماذا حدث، أحب أن أعرفكم بأبي و أمي، فوجئ الجميع بما سمع، كيف؟ وماذا يفعل والديك هنا؟ ألسنا بعالم السحرة؟ أجابهم مراد : نعم، نحن بعالم السحرة، وهذا أبي، وهو من السحرة، و هذه أمي البشرية، أتتذكرون حين أخبرتكم أني نصف ساحر؟ و أني إبن لأحد السحرة و إمرأة من بني البشر، قالوا نعم، قال : فهما هذان اللذان تريان، وسأحكي لكم كيف إلتقيت بهم، وكيف نجوت، وكيف نجت حسناء أيضاً، سأحكي لكم كل شيء بالتفصيل الممل ، حينها قالت أم مراد : إنتظر، لا تتعجل، دعهم يرتاحون قليلا، وليأكلوا بعض الطعام، بعدها، يمكنك أن تحكي لهم ماشئت، تبسم مراد وقال : نعم، معك حق، كنت متلهف لأحكي لهم ما خفي عنهم، تفضلوا، كلوا بعض الطعام الآن، وسنكمل حديثنا فيما بعد ، وبعد الإنتهاء من الطعام، بدأ مراد يحكي لهم، كيف أنقذاه أبواه من الموت، و أنه تعلم جميع مهارات السحر من والده، بل، وأنه إبتكر بعض الطرق، التي لا يمكن لأي ساحر القيام بها إلا هو، وبعد الإنتهاء من التدريبات، قرر الذهاب مع والده للقضاء على الملك الشرير، وأثناء إستعدادهم للذهاب، شعر مراد بأن حسناء في خطر، وبدات مياه البحر تتحرك بطريقة غريبة، أنداك، علم بأن حسناء تتعرض لخطر ما في البحر، وبدون تفكير، قام بصناعة مخرج في البحر يقوده لحسناء، وفي لمح البصر، وصل مراد لقاع البحر، حيث كانت حسناء، ووجدها تتعرض للهجوم من طرف أسماك القرش، فتفاعل جسده تلقائيا مرة أخرى، وقضى على أسماك القرش، وأخرج حسناء من هناك، بعدما كانت قد تعرضت لإصابات خطيرة، جاء بها لمنزل والديه، و بدأ يحاول معالجتها مع أبيه، وقد إستطاع أن يشفيها من كل الجروح التي أصابتها، بالرغم من أن بعضها، كان جد خطير، وكان يستحيل على الأطباء معالجتها، لكنه لم يفقد الأمل، وبقي يحاول جاهدا، مستعملا كل تقنيات السحر الممكنة، حتى يتم شفاء جروحها، وبالفعل، تم الشفاء التام، بكي مراد ثم حمد الله وشكره، وبقية والدته بالقرب منها، ترعاها حتى عادت لها قوتها، وأصبحت تقوى على النهوض و الحركة، وبعدما تعافت تماما، سألت حسناء عن مصير أصدقائهم، حينها، إستعمل مراد سحره، فحدد مكانهم وذهبوا إليهم ليحضروهم إلى هنا،ثم تابع مراد كلامه قائلا : أما الآن، فسأتج مع أبي نحو قصر الملك لنقضي عليه، قالت حسناء : سأذهب معكم أيضاً، وقالوا جميعا : ونحن كذلك، ردت حسناء : من الأفضل أن أذهب أنا ومراد و أبيه فقط، لا يجب أن تعرضوا للخطر، إستغرب أصدقائهم الأمر، وقال رشيد : إن ذهبنا، سنتعرض للخطر، فماذا عنك؟ ألن تتعرضي للخطر كذلك؟ فردت عليهم، لا، لقد أصبحت أيضاً نصف ساحرة، ردوا جميعا، ماذا ! نصف ساحرة ! كيف؟ هل إكتشفت أن أحد أبويك من السحرة أيضاً ؟ وقال حنان : لا، لا يمكن، لاتخبريني بأنك أخت مراد؟ ألهاذا السبب، كان جسم مراد يتصرف بدون وعي عندما تتعرضين للخطر؟ نظروا جميعا نحو حسناء و مراد، ثم إلتفتوا نحو أبويه ينتظرون الجواب، فرأو أم مراد تحتظن حسناء، و مراد يبتسم، حينها قال أبو مراد : الحقيقة هي.... فما هي هاته الحقيقة يا ترى؟ هل حقا حسناء أخت مراد؟