نصف ساحرـــ الجزء الرابع

نصف ساحر

3/24/20241 min read

التفتوا جميعا نحو مراد مستغربين الأمر، من التي يتحدث عنها ! فجأة، توقف مراد و بدا وكأمنا يتحدث مع شخص ما أمامه ، قال خالد : يبدو أن مراد قد جن، أنظروا إنه يتحدث مع نفسه ، ثم بدأ مراد يقوم بحركات بيده وكأنه يتجادل مع شخص ما، لكن الغريب، هو أنهم لما وصلوا إليه، وجدوه يتحدث ويلوح بيده لكن بدون صوت، قال رشيد : يبدوا أن عقل مراد لم يتحمل الصدمة، وقالت فاطمة : يجب أن نخرج من هنا في أسرع وقت، و إلا قد تزداد حالته خطورة، أما حنان فقالت : إن لم نجد مخرجا من هنا فسنجن كلنا وليس مراد فقط، حينها إلتفت مراد نحوهم وقال : هل تعتقدون حقا أني جننت؟ ألم تسمعوها وهي تتحدث معي، أجابه خالد، وهل سمعناك أنت حتى نسمعها هي؟ إلتف مراد إلى الجهة الأخرى، وبدأ يتحدث مرة أخرى دون أن يحدث أي صوت، ثم عاد وإلتفت نحوهم، قال مراد : الآن فهمت لماذا إعتقدتم أني مجنون، حسنا، سأشرح لكم ما لم تستوعبوه، أولا، عندما كنت أروي لكم قصة الساحر وزوجته، ظهرت أمامي الفتاة الأجنبية التي سبق وأخبرتكم عنها، قالت حسناء فتاة المنظار التي إختفت؟ أجابها مراد، نعم فتاة المنظار، قالت فاطمة لكننا لم نرى أي فتاة، رأيناك تتحدث مع نفسك وكأنك تتحدث مع شخص ما، لكن لا يوجد هنا إلا نحن و أنت ، وتابعت حديثها كما أنك كنت تتحدث بحركات الفم واليد، لكن بدون صوت ، رد عليها قائلا : هذا صحيح، ففي البداية لم أكن أدري أنني فقط من يستطيع رؤيتها، كما أنها أخبرتني أنه لا يمكن لأحد أن يسمع حديثنا، أي أنه عندما أتحدث معها، لا يمكنكم أن تسمعوا أصواتنا ، لدى إعتقدتم أني جننت، لا تقلقوا، أنا بخير، و قد أخبرتني أنها ستأخذنا إلى نصف الطريق، وعلينا إكمال باقي الطريق وحدنا، نطقت حنان وقالت : هل هي جنية أم ماذا؟ رد مراد بإبتسامة صغيرة، إنها من السحرة، ثم قال خالد : إن كان ما تقول صحيح، فلماذا لا نراها نحن أيضا، فأجابه مراد، لأننا في عالم السحرة، لو كنا على الأرض، كان من الممكن ان تراها، لكن بعالم السحرة، لا يستطيع البشر رؤيتهم، ضحكت فاطمة وقالت : هل نسيت أنك ايظا من البشر؟ أم أنك ساحر أيظا، نظر مراد إلى الجهة المعاكسة و تحدث مرة أخرى دون أن يصدر أي صوت، ثم نظر إليهم و أخبرهم أنه نصف ساحر، قالت حسناء : هل هذا يعني أنك إبن الساحر و المرأة البشرية التي كنت تتحدث عنهما؟ أجابها مراد نعم، ولم أكن أعلم بكل هذا، كل ما سبق وعرفته أن ابي و أمي إختفيا بعد قيامهم برحلة، و تولت خالتي تربيتي و كأنني أحد أبنائها، ضحكت حنان وقالت هذه قصة ولا في الأفلام، كيف يعقل أن نصدق كل هذا، ليس هناك ولا دليل واحد على صدق كلامك، كيف لنا أن نعلم أن كل هذا ليس إلا أوهاما برأسك؟ نظر مراد إليهم وقال : ستعلمون الآن أن كل ما قلته لكم صحيح وسترون الدليل بأم أعينكم، لكن قبل ذلك، عليكم أن تعدوني بأن يبقى كل هذا سر بيننا، ولا بعلم به أحد غيرنا، قالوا جميعا نعدك بذلك، ثم تابع قوله : إن نصف الطريق الثاني الذي سنمشي به وحدنا، سيكون ملئا بالمخاطر، سأحاول أن أحميكم، لكني لا أعلم كيفية التحكم بقواي، فقبل لحضات فقط، لم أكن أدري حتى بأني نصف ساحر، لذا سأحاول أن أساعدكم أولا على الخروج من هنا، ثم سأعود لمواجهة الملك الشرير لأنقذ شعب السحرة. و لآن أنظروا جميعا إلى الحائط حتى تتبينوا صدق كلامي، نظروا جميعا نحوه، و فجأة، رأو ما لا يصدق، فماذا رأوا يا ترى؟

رأو تلك الرموز المكونة من اشكال هندسية تكتب على الحائط، فصدموا بما رأو، ما هذا، من الذي يكتب تلك الرموز هنا، لا يوجد أحد، أيعقل هذا، ثم نظروا جمعا نحو مراد، فإبتسم ثم قال : إنها الفتاة الأجنبية التي حكيت لكم عنها ولم تصدقوني و أخبرتكم أنها أيضا من شعب السحرة فسخرتم مني، أعتقد أنه بعدما رأيتم ذلك بأم أعينكم، لن يبقى عندكم شك، ولو كنتم تستطيعون قرائة لغة السحرة، لقرأتم ترحب الفتاة بكم و أنها تخبركم أن كل ما حكيته لكم حقيقة وليس خيال، قالت حسناء : كنت أعلم، ألم أقل لكم أن أصدقه، إن حدسي لا يخطئ أبدا. نظر مراد نحوهم و أخبرهم أن عليهم التحرك الآن وسيحاول جاهدا إخراجهم من هنا، ذهبوا وسط المغارة مئات الأمتار، ثم فجأة، إختفى الضوء و أصبح الظلام حالكا، تمسك كل بالأخر و أخبرهم مراد بأن ملك السحر شعر بوجودهم، و إنه الذي أطفئ الأنوار حيث أنها مصنوعة من السحر، وأخبرهم أنه سيتقدمهم لكي لا يتعرضون لأي خطر، وبعد لحظات أخبرهم بأن الفتاة الأجنبية ستغادرهم ولا يمكنها أن تكمل معهم باقي الطريق، لأن ملك السحر سيشعر بقواها السحرية و يتعرف عليها فيقتلها لمساعدتهم على الفرار من هنا. لكن، قبل مغادرتها أخبرته بطريقة صنع النور بالسحر، غادرت الفتاة، فأخبرهم مراد بأن يجلسوا قليلا في هذا المكان، وأنه سيحاول تذكر ما أخبرته به الفتاة الأجنبية حتى ينير لهم الطريق. بقيوا هناك مدة طويلة، ثم نطق خالد ، هل سنبيت هنا؟ لقد مر وقت طويل ولم يظئ المكان بعد، ربما لا تستطيع ذلك لأنك نصف سحر فقط، لكن مراد لم يجب، قال خالد، هل أنت هنا يا مراد، لا رد، فشعر الكل بالقلق، فاصبح كل منهم يناديه بصوت خافت، مراد، مراد ، هل أنت هنا، مراااد، لا جواب، سوى صوت خيف لصدء صوتهم وهم ينادون على مراد، فجأة، أجابهم مراد، أنا هنا، قال حنان : الحمد لله ضننت أنك رحلت عنا، ثم قالت فاطمة : لماذا لم تجبنا حين نادينا عليك، أجابهم،كنت أكز على أن أتذكر التعوذات السحرية التي أخبرتني بها الفتاة الأجنبية، قال رشيد : تعويدات ؟! أليس تعويدة واحدة من أجل إضائة المكان؟ أجابه مراد، لا، لقد أخبرتني ب 37 تعويذة ، ردت فاطمة : كم؟ 37 تعويذة؟!

هل يمكنك أن تتذكر 37 تعويذة أخبرتك إياها ونحن في الطريق؟ أجبها بأن ذلك ليس سهلا، و أنه اراد إستعمال تعويذة النور لكنه غير متأكد من سلسلة الرموز الأخيرة المتعلقة بها، قال خالد : يمكنك أن تجرب ما شككت به حتى تجد الإجابة الصحيحة، فأجابه بأن هذا غير ممكن، قال رشيد ولما لا؟ فأجابه مراد بأن هناك عدد إحتمالات كبير جدا، كما أنه لو قام بتغيير أواخر السلسلة، قد ينشئ سلسلة جديدة من الرموز لا يعلم ما هو مفعولها، قالت حسناء : ماذا سيحدث بالضبط لو إستعملت سلسلة مغايرة لسلسة الضوء؟ أجابها مراد، لا أعلم، قد يختفي، أو ربما يفجر المكان، أو يملئه بالماء، أو يطير في الهواء.. هناك إحتمالات عدة، لدى لا يمكنه الآن إلا إستعمال ما هو واثق من صحته، قالت فاطمة : هل تعرف تعويذة النار؟ قال نعم، صحيح، لما لم أفكر بها؟ قالت حنان، ماذا؟ لم أفهم، ما علاقة أن يعرف تعويذة النار بعدم معرفته بتعويذة الضوء، فأجابها رشيد : إن تعويذة النار، وقبل أن يكمل كلامه، أضاء المكان بنار كانت مشتعلة فوق يد مرد، ثم أكمل رشيد، هذا هو السبب، فرحوا جميعا و إطمئنوا أكثر بعد رؤية مراد وهو يستعمل السحر، مشوا قليلاً حتى وصلوا إلى ينبوع ماء، قال خالد إني أرى ينبوع تتدفق منه المياه، لنتجه إليه ونشرب منه، لكن بعدما إقتربوا من الينبوع إنطفأت النار التي أوقدها مراد بسحره، فتوقفوا ، قالت حسناء، ما الأمر يا مراد، لماذا إنطفئة النار؟ أجابها لا أعلم، سأحاول من جديد، لكنه لم ينجح، فتعجب من الأمر، قال حينها خالد، لا يهم لنتجه نحو الينبوع بحذر، إنه امامنا، نشرب منه، ثم ننتظر حتى يتمكن مراد من فعلها مرة أخرى، لكن حسناء أخبرتهم بأنها غير مطمئنة لذهابهم للينبوع في الظلام، و أن عليهم الإنتظار حتى ينجح مراد في عمل النار بسحره، أنذاك، يمكنهم الذاهاب و الشرب، أجابت حنان، سنمشي على أيدينا و أقدامنا ونتحسس الأرض حتى نصل للينبوع نشرب ثم ننتظر مراد ليوقد النار، قالت فاطمة : إنتظروا، ماذا لو كانت النار إنطفئة لسبب معين؟ ماذا لو أننا إقتربنا من ملك السحرة، وهو من أطفئها، حينها إبتعد مراد عنهم قليلا ثم حاول مرة أخرى ان يستعمل السحر، فكانة المفاجئة، إشتعلت النار من جديد، قال خالد، هذا جيد، هيا بنا لنشرب الآن،. فأجابه مراد ، إنتظر، هذا ليس جيد، ثم بدأ يقترب منهم، فإنطفئت النار من جديد، فأخبرهم أن بقربهم من الينبوع يتوقف سحره، إذن لا بد أن هناك سبب ما ! ثم أمرهم بالرجوع إلى الخلف ، فأوقد النار من جديد، ثم جلس و بدأ يفكر، فجأة، قال وجتها، لنرى إذا، لم يفهموا ماذا كان يقصد مراد، وفي اللحظة التي كان رشيد سيسأله، بدأ مراد بصناعة كويرات عديدة من النار حتى بدت وكأنها سلسلة ، فبدأت السلسلة تتجه نحو الينبوع، حتى وصلت لحافته، قال مراد : أولا، هذا يثبت أن السحر يتوقف إن كان مصدره قريب من الينبوع، لكن إن كان المصدر بعيدا عنه، فلن يكون هناك تأثير على سحره، ثم قال أما الثانية، فهي ما سنكتشفه الآن فحرك كريات النار نحو الينبوع محاولا إدخالها في أعماقه، فجأة، ظهرت الكريات النارية، لكن ما كان ملتصقا بها تركهم جميعا مصدومين يترقبون بأعينهم و أفواههم مفتوحة، فماذا يا رأوا؟ وهل كان مراد يعلم بما سيحدث؟