نصف ساحرـــ الجزء الثالث

نصف ساحر

3/24/20241 min read

في هاته الأثناء، كان كل من خالد و رشيد وحنان و فاطمة و حسناء في مكان أخر بنفس المغارة، يتحدثون فيما بينهم، كيف وصلوا لهذا المكان؟ وكيف سقطوا هنا؟ ولماذا لم يشعر أي منهم بأي ألم بعد السقوط؟ وما هو هذا المكان؟ هل يوجد مخرج آخر غير الذي سقطوا منه؟ كل هذه الأسئلة تبادرت .في أذهانهم محاولين إيجاد إجابات لها

قال خالد: يجب ان نبحث في ارجاء المغارة عن مخرج، و إن وجدنا مفترق الطرق، نضع علامة تبين لنا أي الطرق سلكنا، الكل أعطى وجهة نظره بإستثناء رشيد، كان جالسا على الأرض، ينظر إليها وهو يفكر، فنظروا إليه جميعا متعجبين من أمره، سأله خالد، ماذا هناك يا رشيد؟ لماذا تلتزم الصمت؟ ولماذا تنظر للأرض بتلك الطريقة؟ لم يجبه، ثم أخرج قطعة حديدية من جيبه وبدأ ينبش الأرض، تعجب الجميع، ثم سأله خالد مرة أخرى، ماذا تفعل يا رشيد؟ حينها إلتفت إليهم وأجابه بأنه لم يسبق له أن رأى مثل هاته الطبقة الصخرية، ولا يوجد أي معلومات بكتب الجيولوجيا عن هذا النوع، أجابته فاطمة، هذا شيء طبيعي، فنحن في أعماق الأرض وليس فوق سطحها، ستكون طبقات الأرض مختلفة بين سطح الأرض و باطنها، فأجابها رشيد بأنه متخصص في علوم الجيولوجيا، و أنهم يدرسون جميع أنواع طبقات الأرض، سواء كانت على السطح أم في أعماقها، ولا توجد أي معلومات بكتب العالم عن هذا النوع من الصخور، ولا حتى التربة الموجودة هنا، فضحكت حنان وقالت، إذن ستصبح أول مكتشف لهاته الطبقة، سيدخل إسمك التاريخ، نظرت إليها حسناء وقالت : هذا إن خرجنا من هنا، وقف رشيد وقرروا الذهاب وإستكشاف المغارة ليرو هل هناك أي مخرج منها.

كان حينها مراد، هو الأخر يبحث في المغارة عن القرد و عن الشباب الذين سقطوا، لم يفكر حينها هل هناك مخرج من هنا أم لا؟ كل ما كان يشغل تفكيره، هو أن يجد من سقطوا ليفهم ماذا حصل معهم، وما هي القوة التي جدبتهم و جدبته أيضاً إلى داخل الشجرة.

فجأة، وجد أشكال محفورة على حائط المغارة، كانت مثل أشكال هندسية، مربعات وسط مثلثات و خطوط متوازية و أخرى متقاطعة، دوائر ثم رسم على شكل نجوم، لكن الغريب، هو أنه بعد بضع ثوان، بدأ يرى و كأنما تلك الرسوم بدأت تتحرك و تتداخل فيما بينها، ثم بدأ يقرأ قصة عن مخلوقات تدعى السحرة، و أنهم يعيشون هنا منذ آلاف السنين، و أنهم نادرا ما يخرجون إلى عالم الإنسان، و أنه هناك ملك يحكمهم، ملك، يكره البشر، وقد كان أحياناً يستعمل السحر ليخطف البشر، فيقتلهم و يأكل لحمهم لكي يزيد من قوة سحره ، الشيء الذي كان محرما بين باقي السحرة، فكان الملك الشرير يسيطر على باقي السحرة، بالقوة التي يكتسبها من لحم البشر، و في إحدى الأيام، صعد أحد السحرة إلى الأرض، و تزوج من إمرأة من بني البشر، بعدما عرفت بالصدفة عن القوة السحرية التي يمتلكها، فحكى لها عن فصيلته و انه هناك نوع آخر غير البشر، وحكى لها أيضا عن الملك الشرير و كيف يقوم بما هو محرم بين السحرة، من خطف البشر و أكل لحومهم، كانت المرأة البشرية جد معجبة بالساحر و بقوته وصراحته، وبالثقة التي وضعها بها حتى أفشى لها سره وسر بني جنسه، و عرض حياته للخطر نظير ذلك، لأنه لو عرف ملك السحرة بأن البشر يعلمون بوجودهم، لأعلن الحرب على بني البشر و لقتل الساحر الذي أفشى السر، كان مراد يقرأ القصة ويرى أحداثها وكأنه يشاهدها أمامه، فجأة إختفت الصورة، وسمع صوت أشخاص يتحدثون فيما بينهم و أن الصوت يقترب منه، خاف قليلا ثم نظر إتجاه الصوت مترقبا .ماذا سيرى

فمع من سيلتقي ياترى؟

آنذاك ظهر كل من خالد وفاطمة وحسناء و رشيد و حنان، تفاجأ مراد برئيتهم جميعا،و هم كذلك تفاجئوا ، إقترب منهم مراد، فسألهم : هل أنتم من رأيتهم يسقطون داخل الشجرة؟

أجابته حنان : نعم نحن سقطنا داخل الشجرة، لكني لا أعلم هل نحن من رأيت، أم هناك أشخاص غيرنا سقطوا أيضا ، فحكى لهم مراد ما رأى، وماذا حدث له مع الفتاة الأجنبية وبأنها .إختفت

ردت عليه فاطمة : أعتقد أننا من رأيت، لكن إختفاء الفتاة هاته شيء محير أكثر من سقوطنا هنا، ثم نطق خالد وقال : كل هذا لا يهم الآن ، يجب علينا أن نجد مخرجا و إلا سنموت جميعا هنا، حينها، طلب منهم مراد أن ينتظروا حتى يكمل قرائة القصة المحفورة على الحائط، نظر الجميع إلى الحائط ثم نظروا نحو مراد، عن أي قصة تتحدث، فأجابهم مشيرا للحائط : هاته القصة، أظن أننا سنعلم كيف سنخرج من هنا، لقد سبق وخرج بعض السحرة من هنا، أجابته فاطمة : ماذا، سحرة؟ اي سحرة؟ و أي قصة؟ إني لا أرى إلا أشكالا هندسية، مربعات و مثلثات و دوائر، و رسم نجوم و خطوط، هل تعتبر هاته الرسوم قصة؟ فضحك الباقين و قال خالد: يبدو أننا نجونا من السقطة، عكسك يا... ، ما هو إسمك؟ أجابه إسمي مراد، ثم تابع خالد قوله، أعتقد أن دماغك تأثر بعد سقوطك هنا يا مراد ، بل أعتقد قبل ذلك، ربما بكثرة القفز في المياه من مكان عالي، أصبحت تتوهم وترى أشياء لا يراها غيرك، لذلك رأيت الفتاة الأجنبية التي إختفت، و الآن ترى القصة التي بها خروجنا، غضب مراد من إستهزاء خالد منه، لكنه تمالك أعصابه، ثم أخد نفسا عميقا، بعدها أجابه بكل برودة وبثقة في النفس، لو تحدثنا عما وقع لكم هنا، وكيفية سقوطكم داخل شجرة، هل تعتقد أن أحدا سيصدقكم؟ و إذا لم يصدقوكم هل يعني هذا أن هاته الأحداث لم تقع؟ فصمت الجميع، ثم إستمر في القول : أعلم أنكم لا ترون إلا رموزا و أشكال هندسية، وهذا ما أراه بدوري، لكني بعدما أدقق النظر إليها، أرى أنها تتداخل فيما بينها ثم أبدأ أرى مشاهد القصة، وكأني أشاهد فيلما بدون صوت، فقط صور وكتابة القصة، لا أعلم ماذا أقول، لكن أنتم بالتحديد يجب أن تصدقوني، فماذا ستقولون عن لون جسدي الذي تغير إلى لون وردي بعدما أدخلت يدي في الثقب؟ أكيد ستجيبون بأني أتوهم أيضاً، حينها قالت حنان : حسنا، هل مازال لون بشرتك ورديا؟ نظر إلى يديه و أخبرها لا، لونهم الآن عادي، نطقت حسناء وقالت : لا أعلم لماذا ! لكني أصدق كل كلمت قالها، رغم أن كلامه يظهر مستحيلا، إلا أني قلبي يخبرني بصدق قوله، و لم يسبق لي أن آمنت بشيء و أخطأ حدسي، قالت فاطمة : حسنا لا ضير من ذلك، نحن عالقون هنا و لن يضرنا شيء لو إنتظرنا قليلا، أكمل قرائة القصة و أخبرنا عما تتحدث، نظر مراد مرة أخرى نحو الرسوم الحائطية، و بدأ مشاهدة أحداث القصة، و يقرأ بصوت خافت، رأى المرأة التي تزوجت من الساحر وهي حامل و سعيدة، تتحدث مع زوجها و تخبره بأنها ستكون أول بشرية ستنجب من ساحر، و أكيد أن مولودها سواء كان ذكرا أو أنثى، فسيتميز بقوى خارقة، فتبسم الساحر وقال : أنه لما كان طفلا، كانت والدته تحكي له قصة بطل سيأتي ويخلصهم من الملك الشرير، و أن هذا البطل سيولد من إمرأة بشرية و ساحر، لكنه لا يعلم هل هي حقيقة أم مجرد قصص تحكى للأطفال، و أتم قوله أن حسب قصص والدته، سيكون لذلك الطفل قوة لا مثيل لها، فهو لا يحتاج إلى أن يأكل بشريا ليزيد من قواه السحرية، لأن نصفه من بشر ونصفه الأخر من ساحر، و كأنما تتغدى قواه السحرية من نصفه البشري دون أن ينقص منه شيء، .وبالتالي فهي قوى لا نهاية لها

في تلك اللحظة شعر مراد بتعب ثم إختفت الصور، وبدأت يداه ترتجفان، تعجب الجميع، وسألوه : هل أنت بخير يا مراد؟ لم يجبهم،جلس على ركبتيه و بقي صامت بضع ثوان، ثم أجابهم أنا بخير، فجأة شعرت بتعب وكأني أحمل شيء ثقيلا، بعدها إختفت المشاهد، سألته حسناء، هل أتممت قرائة القصة؟ هل وجدت طريقة للخروج من هنا؟ أجابها مراد : لا، ليس بعد، لم أكمل القصة بعد ، ولحدود الساعة لم أرى كيف خرج الساحر من هنا، حينها أخبرته فاطمة بأن يستريح قليلا و يخبرهم بما شاهد وقرأ، جلسوا جميعا على الأرض، وبدأ مراد يحكي لهم قصة الساحر و المرأة البشرية، و ما جرى بينهما من أحداث، وقبل أن يكمل رواية ما شاهده ، توقف مراد عن الكلام، و بدأ ينظر خلفهم، قالت حنان أكمل، إنها حقا قصة رائعة، لكنه بقي صامت موجها نظره خلفهم، إلتف خالد خلفه ، ثم نظر لمراد وسأله : ماذا هناك؟ لماذا توقفت عن رواية القصة؟ ولماذا تنظر خلفنا؟ أجابهم و هو ثابت في مكانه، لا يحرك جفنه، إنها، إنها هنا! قالت حسناء : من؟ من هي التي هنا؟ رد مراد إنها، إنها، ثم وقف وإتجه مسرعا .تاركهم ورائه

من رأى ياترى ؟